الاثنين، 23 يناير 2012

مجلس الشعب والمرجو منه



اكتمل مجلس الشعب وتم اختيار المهندس سعد الكتاتني رئيسا للمجلس. اكتمل القسم الأكبر مما يسمى "العرس الديموقراطي" ولم يتبق سوى انتخابات مجلس الشورى لكي يكتمل ذلك "العرس" وننتقل للمرحلة التي يكتب فيها الدستور الجديد ثم انتخابات الرئاسة.
ذهبت الملايين من الشعب المصري لاختيار أعضاء البرلمان في المراحل الثلاثة ولكن لم تكن السعادة الغامرة التي رأيناها في الاستفتاء ظاهرة ولا حتى على استحياء وإنما حل محلها توتر واستقطاب حاد وسجالات كلامية حتى بين أفراد الأسرة الواحدة بلغت حد قطع العلاقات التجارية بل والاجتماعية عند اختلاف وجهات النظر ودفاع كل فرد عن المرشح الذي يؤيده وينوي إعطاءه صوته الانتخابي.
بينما اعتبرت جماهير الشعب أن الانتخابات هي السبيل لبداية إقامة دولة الحرية وأنها "خطوة للأمام" اعتبر المجلس العسكري أنها علامة شديدة الوضوح أن الملايين "تؤيد" قرارات المجلس لأنه "سمح لهم" بإجراء الانتخابات الحرة و لأنه "أمن" المقرات الانتخابية كما اعتبر في تصريحات على لسان عدد من أعضائه أن هذه الملايين أعلنت التأييد الكبير للمجلس لدرجة أن المشير صرح أن هذا التأييد يرسخ بقاء المجلس مسيطرا على منصب الرئاسة ولا يمكن أن يزحزحه عن هذه السلطة إلا استفتاء شعبي على بقائه أم رحيله على الرغم من أن ذهاب هذه الملايين إلى هذه الانتخابات هو إعلان ضمني من الشعب أنه لا يريد استمرار هذه المرحلة الانتقالية ويريد التخلص من مرحلة الحكم العسكري المؤقت والانتقال إلى الحكم المدني المستقر.
سواء أرجع المجلس العسكري السبب في الإقبال على الانتخابات إلى تأييده في الحكم أو خلاف ذلك فقد اكتمل مجلس الشعب وتم انتخاب رئيسه والسؤال الآن هو ماذا يريد المواطنون من هذا المجلس.
من متابعة ردود المواطنين عند سؤالهم عما يريدون من أعضاء المجلس المنتخبين ظهرت فجوة كبيرة بين مطالب المواطنين وبين مسئوليات الأعضاء المنتخبين وأسوق فيما يلي بعض ردود المواطنين والتي وردت في أغلب القنوات الفضائية أثناء متابعة طوابير الانتخاب.
أطالب العضو المنتخب أن يستصلح الأراضي التي تم تبويرها من النظام السابق... سأختار العضو الذي يوفر لي فرص العمل ... عضو البرلمان الذي يمثلني يجب أن يخفض أسعار السلع وينقذنا من الغلاء ... الأعضاء يجب أن يلتفتوا إلى مطالب الفقراء ويوفروا التموين والاحتياجات الضرورية ... البرلمان يجب أن يضع الخطط التي تنشط اقتصاد البلد وتنهض بالدولة وترفع من شأنها ... العضو الذي انتخبه أريده أن يوفر لي مساكن رخيصة وفرص عمل عديده بحد أدنى من الأجر يغطي الاحتياجات الرئيسية لأسرتي... أريد من البرلمان أن يحاكم الفاسدين ويسترد الأموال المنهوبة التي تم تهريبها خارج البلاد... يجب أن يقوم العضو المنتخب بمتابعة اقتصاد مواطني دائرته ويراعي ربنا فيهم ولا يتخذ أي قرار يضرهم.
كل هذه الإجابات وعشرات غيرها تدور في فلك واحد خلاصته أن هناك خلطا فادحا في توجه جماهير الشعب لما يريدونه من أعضاء البرلمان. أغلب المطالب تنصب على دور السلطة التنفيذية (الحكومة) وبعضها يطالب البرلمان بالقيام بدور السلطة القضائية.
في الواقع لا يستطيع أعضاء البرلمان أن يفعلوا شيئا يذكر من كل هذه المطالب فسلطة أعضاء البرلمان تتركز أساسا على سن القوانين أو رفضها و تعديلها والرقابة على تنفيذ برامج الحكومة دون فساد أو تعطيل.
كل من كان يطالب أعضاء البرلمان بمطالب مثل ما سبق فعليه ألا يتوقع تحقيقها وأن يعلم أنه اختار أعضاءا ليمثلوه في سلطة ويطالبهم بمهام سلطة أخرى.
من يريد استصلاح أرض أو مشروعات تقدمية أو خططا اقتصادية فليطلب ذلك من مرشح رئاسة الجمهورية. الرئيس هو قمة السلطة التنفيذية وهو الذي يختار رئيس الوزراء الذي يشكل الحكومة التي يقع على عاتقها وضع الخطط والمشاريع التي تنتهي بعد صياغتها إلى البرلمان فيوافق عليها أو يرفضها.
إذن ماذا نرجو من هؤلاء الأعضاء؟ المفترض أنهم لن يقدموا شيئا يذكر سوى انتظار انتهاء انتخابات مجلس الشورى وانتظار دعوة المجلس العسكري للمجلسين للانعقاد والبدء في انتخاب أعضاء الجمعية التأسيسية لصياغة الدستور الجديد ثم يلي ذلك انتخاب رئيس جمهورية ويقوم هذا الرئيس بتشكيل حكومة وفقط حينذاك يبدأ هؤلاء الأعضاء في ممارسة دورهم الرقابي والتشريعي المطلوب منهم والمسئولين عنه.
أعضاء هذا المجلس المنتخب لن يفعلون شيئا سوى أن يجلسون في البرلمان متفرجين على حكومة الجنزوري تقوم بدورها المؤقت في تسيير أمور البلاد.
وبما أن حزب الحرية والعدالة قد أيد حكومة الجنزوري للأشهر الستة المقبلة فلا مجال للحديث عن اقتراع سحب الثقة مثلا من هذه الحكومة لأن الحزب يمثل نسبة أعضاء في البرلمان تكفي لمنع هذا الاقتراع.
وبما أن دستور الدولة حتى اليوم طبقا لدستور 1971 أو للإعلان الدستوري يحافظ على الشكل الرئاسي للدولة وبذلك يكون رئيس الجمهورية هو المسئول عن تشكيل الحكومة فلا معنى لكل ما يثار عن أحقية الأغلبية في تشكيل الحكومة حتى يتم حسم هذا الأمر من خلال لجنة وضع الدستور الجديد.
لا أريد أن أرسم صورة متشائمة لعمل هذا المجلس إلا أنني لا أتوقع شيئا يذكر منه لأنه لا يملك أيا من الصلاحيات التي تحقق للناخبين مطالبهم فمن أدلى بصوته لصالح عضو ظنا منه أن ذلك يحقق الرخاء أو الاستقرار فعليه أن ينتظر الانتهاء من وضع الدستور الجديد. الطريف في هذا الدستور أنه بمجرد إقراره سيصبح هؤلاء الأعضاء خارج الشرعية لأنهم تم انتخابهم طبقا لصلاحيات مختلفة ودستور تم تغييره خاصة إذا تم إلغاء مجلس الشورى في الدستور الجديد.
ينبغي على كل منا أن يعلم تماما من الذي ينتخبه وماذا ينتظر منه وما هي الصلاحيات التي يملكها وإلا فهو كمن يعطي توكيلا للمحامي لكي ينشئ له عمارة سكنية لمجرد أنه يستطيع مراجعة عقد إنشاء هذه العمارة. رجائي وأملي أن يحاول كل منا أن ينشر المعلومة ويساعد من لا يعلم أن يجد طريقه ليختار من يشاء عن علم بلا تضليل أو جهل.
وإلى أن يستوعب الشعب هذه المسئوليات فعليه أن يشاهد القناة الجديدة المخصصة لمتابعة جلسات البرلمان ويستمع إلى نقاشات تدور في حلقات مفرغة لا تنتهي إلى قرار لأن القرار ليس من سلطات البرلمان. المطالبة بقرار فقط هي من سلطته لاغير.

هناك تعليق واحد:

  1. مقاله جميله ولكن ألتوقيت غير مناسب , فإما كنت تنشرها أثناء ألإنتخابات , أو تنتظر حتى نهاية هذا ألأسبوع , فإجتماعات ألمجلس خلال هذا ألأسبوع ستضيف ألكثير , عموما فيمكنك إعادة تحريرها ونشرها فى نهاية ألأسبوع , وعموما مقاله تستحق أن تقرأ ألآن وفى نهاية ألأسبوع بعد ألإضافه , ولك جزيل شكرى وأتمنى ألإستمرار .

    ردحذف